من أحاديث العيد
سحر اللحظة

فيصل خزيم العنزى
سحر اللحظة
أم كلثوم ترقص بلا رقصة !!
-
في لحظة لا تتعدى الدقيقة يتجلّى الفن في أبهى صوره
مقطع غنائي قصير من أغنية “ أمل حياتي ” تغنيه كوكب الشرق أم كلثوم يتحوّل إلى مشهد فاتن يخطف الأنفاس
ويزرع في الروح دهشة لا تنتهي ..
الكلمات بسيطة :
“خليني جنبك خليني … في حضن قلبك خليني … وسبني أحلم سبني …”
لكنها في فم أم كلثوم ليست مجرد حروف
بل همسات شوق وأنفاس حب ونبضات قلب حيّ !!
في هذه اللحظة لا تغني أم كلثوم فقط بل تتمايل مع المعنى وكأنها تنسج خيوط الحلم في الهواء .. هي لا ترقص ولكن كل حركة من يديها تحكي قصة .. ترفع يدها بخفة كأنها تحتضن الضوء،ك وتخفضها كأنها تضع الحنين على صدرك … ابتسامتها تختصر ألف بيت غزل .. عذبة .. خجولة
ومليئة بالأنوثة الرصينة التي لا تعرف الابتذال !!
أما عيناها فتغلقهما حين يشتد الإحساس
وكأنها تغوص في عالم آخر لا يُرى
ثم تفتحهما على اتساع الحلم ..
رموشها تصفق لا إرادياً
وكأنها تصادق على صدق الإحساس
وتزيد اللحظة شاعرية وغموضاً !!
هذه الدقيقة الواحدة تختزل كل ما يميز أم كلثوم : السيطرة المطلقة على خشبة المسرح
التعبير الجسدي المتقشف لكنه بالغ الدلالة
والقدرة الخارقة على جعل المستمع يرى ما لا يُرى
ويشعر بما لا يُقال !!
هي لا تحتاج إلى أن ترقص
لأنها الرقصة ذاتها
رقصة الصوت والإحساس
رقصة الزمن الجميل !!