قصة قصيرة : الدهشة في قبضة مبدعة !!
قال لها وهو يتأمل صور غرناطة ورُندة وإشبيلية في هاتفه :

بقلم فيصل خزيم العنزى
الكويت
قال لها وهو يتأمل صور غرناطة ورُندة وإشبيلية في هاتفه :
إبداعكِ هذا إجرامٌ ما بعده إجرام .. هذه المدن تحتاج كلمات تُكتب بماء الذهب !!
ابتسمت بخجل وهي تعبث بخصلات شعرها :
أتُراكَ تبالغ يا سيدي ؟ كلّ ما فعلته هو أنني التقطتُ صوراً !!
قاطعها وهو يهز رأسه إعجاباً :
صوراً ؟
بل لوحاتٍ مرسومة بأنامل شاعرة لقد جعلتِ الأزقة القديمة تنطق والبوابات المزخرفة تحكي والمآذن التي صارت أبراجاً تروي حكاياتٍ لم يسمعها أحد !!
تنهدت وهي تنظر إلى إحدى الصور :
ربما لأنني أرى المدن بقلبي أستمع لصدى الأندلس في كلّ حجر وأتخيل أصوات الشعراء وهم يتجولون هنا منذ قرون !!
اقترب منها بخطوة وقال بنبرة شاعرية :
وهذا ما يجعل ما تفعلينه جريمة في حقّ قلوبنا .. لم تُهيّئينا لهذه الدهشة .. كيف حوّلتِ السفر إلى قصيدة والصور إلى حكايات واللحظات العابرة إلى تاريخٍ حيّ ؟!
ضحكت بخفة :
أحببتُ أن أُهدي العالم ما أشعر به أردت أن أقول لهم : الأندلس لم تمت إنها تعيش في العيون التي تعرف كيف ترى !!
أطرق رأسه للحظة ثم رفع نظره إليها وقال :
ومن يراكِ يصدق ذلك .. لقد جعلتِ غرناطة ورداؤها المزخرف ورُندة بشموخ جبالها وإشبيلية ببهائها كلها تتحول إلى أساطير في يدك .. كلماتك يا سيدتي ليست حروفاً إنها خيوط ذهب !!
سكتت قليلاً ثم همست وهي تبتسم :
وهل تعلم يا سيدي ؟
إن تعليقك هذا سأضمه إلى قلبي كما ضمت لميعة عباس عمارة ديوان بدر شاكر السياب إلى صدرها !!
نظر إليها بإعجاب عميق وقال :
احذري إذن قد تُتهمين قريباً بأنكِ شاعرة متخفية في عدسة مصوّرة !!
فابتسمت بعينين تلمعان دهشة وسعادة وقالت :
وأنت ستُدان بأنك منحتني ثقةً تجعلني
أجرؤ على المزيد من هذا الإجرام الجميل .