من هنا نبدأ...صناعة الأثر الطيب وبناء الحياة الباقية

في خضم ما يعيشه الإنسان في هذا العصر المتسارع من ضغوط وانشغالات، تتشتت فيه الأولويات وتتسابق فيه

من هنا نبدأ...صناعة الأثر الطيب وبناء الحياة الباقية
من هنا نبدأ...صناعة الأثر الطيب وبناء الحياة الباقية


✍️ بقلم د. مدحت يوسف
???? 12 / 9 / 2025

???? في خضم ما يعيشه الإنسان في هذا العصر المتسارع من ضغوط وانشغالات، تتشتت فيه الأولويات وتتسابق فيه الطموحات، لابد أن يقف مع نفسه وقفة متأمل صادق، ليسأل: ما الذي سأتركه بعد رحيلي؟ هل ستكون حياتي مجرد مرور عابر، أم سأسجل أثراً طيباً يخلد ذكرياتي ويمنح لحياتي معنى ممتداً بعد موتي؟ إن صناعة الأثر ليست ترفاً ولا خياراً جانبياً، بل هي صناعة للحياة ذاتها، وهي العمر الثاني للإنسان الذي يبقى حياً في قلوب الناس وميزان أعماله.

???? قال رسول الله ﷺ: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له". بهذا الحديث الشريف تتجلى عظمة الأثر الطيب الذي يستمر بعد الموت، فهو ميراث خالد لا يزول، وثروة لا تفنى، يكتب للإنسان بقاءً في الدنيا وثواباً في الآخرة، ويجعل لحياته امتداداً في نفوس الناس وفي ميزان حسناته.

???? الأثر الطيب لا يُقاس بحجم الأعمال ولا بمكانتها الاجتماعية، وإنما بصدق النية ونفعها للآخرين. فقد تكون ابتسامة صافية، أو كلمة حق، أو نصيحة مخلصة، أو صدقة خفية، أعظم في أثرها من إنجازات ضخمة. فالأثر الطيب هو الطاقة التي تضيء قلوب الناس، وهو بذور الخير التي إذا زرعت أثمرت مجتمعاً متماسكاً، آمناً، يفيض بالتكافل والرحمة والتعاون.

???? ولصناعة الأثر الطيب دعائم رئيسية لا غنى عنها، في مقدمتها الأسرة التي تُعد اللبنة الأولى في غرس القيم الإيجابية وصناعة جيل صالح يحمل رسالة الخير. ثم يأتي دور التعليم باعتباره المؤسسة الأوسع تأثيراً في توجيه العقول وتنمية المهارات وبناء الشخصية القادرة على نفع نفسها ومجتمعها. ويكتمل البناء بدور الإعلام في نشر ثقافة القدوة وتعزيز السلوكيات الإيجابية، وترسيخ الهوية الوطنية في مواجهة التحديات. وبهذا التكامل بين الأسرة والتعليم والإعلام تتشكل منظومة متكاملة تُنتج أثراً طيباً واسع الأفق.

???? الأثر الطيب ليس ميراثاً فردياً فقط، بل هو رصيد حضاري للأمة بأكملها. فالأوطان العظيمة تبنى على آثار أبنائها الصالحين، والهوية الوطنية تُصان بما يتركه جيل بعد جيل من بصمات خالدة. وحين يدرك كل فرد مسؤوليته في ترك أثر نافع، تتحول حياته إلى رسالة كبرى، ويصبح الوطن كله مستنيراً بتلك البصمات التي تخلد التاريخ وتصنع المستقبل.

???? فلنحرص أن تكون حياتنا ساحة خير، نزرع فيها المحبة، ونترك فيها بصمات لا تُنسى، ونكتب فيها أثراً يذكرنا به الناس بخير ويدعو لنا به الأبناء والأحفاد، حتى نلقى الله وقد صنعنا حياتنا بما يبقى وخلدنا أثرنا بما لا يفنى.

@topfans 
خطى الوعي 
DrEng Medhat Youssef Moischool