من هنا نبدأ...تأملات في النعم التي لا تُعد ولا تُحصى

في خضم هذه الحياة المليئة بالصراع، وفي ظل ظاهرة المغالبة بين الناس، وتزايد جحود النعم

من هنا نبدأ...تأملات في النعم التي لا تُعد ولا تُحصى
من هنا نبدأ...تأملات في النعم التي لا تُعد ولا تُحصى


✍️ بقلم: د.م. مدحت يوسف
???? أكتوبر ٢٠٢٥

???? في خضم هذه الحياة المليئة بالصراع، وفي ظل ظاهرة المغالبة بين الناس، وتزايد جحود النعم، ومحاولات التملك دون حق، غابت عن كثيرٍ من القلوب حقيقة أن ما نملكه ليس بقدرتنا، وإنما هو فضلٌ من الله، وأن ما نحياه من أمنٍ وصحةٍ وسترٍ وراحةٍ ما هو إلا عطاء إلهي يستحق التأمل والشكر قبل المطالبة بالمزيد.

✨ ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ — آية تختصر حقيقة الوجود الإنساني بين نعمٍ لا تنتهي، وقلوبٍ أحيانًا تغفل عن تأملها. إنّ تأمل الإنسان في نفسه يكفي ليوقن أن كل نفسٍ يتنفسه هو منحة، وكل نبضة في قلبه هي حياة. ألا ينظر الإنسان في نفسه؟ ألا يرى الأجهزة التي تعمل داخله بلا توقف؟ القلب ينبض، والرئتان تتنفسان، والعين تبصر، والدماغ يفكر—  كل الاجهززة تعمل في انسجامٍ عجيب دون تدخلٍ منّا، فماذا لو تعطّل واحد منها؟ عندها فقط ندرك أن كل خلية في أجسادنا هي نعمة لا تُقدّر بثمن.

???? وفي أنفسكم أفلا تبصرون؟ أبسط النعم في حياتنا، كجرعة ماء نشربها بسهولة، قد تكون حلمًا بعيد المنال لغيرنا. كم من إنسان لا يستطيع أن يرفع الكوب إلى فمه، أو لا يقدر على ابتلاع الماء أو إخراجه دون تدخل طبي مؤلم. إنّ إدراك هذه التفاصيل البسيطة يفتح أمامنا بابًا من الوعي العميق بنعم الله التي نعيش وسطها دون أن نشعر.

???? ومن أعظم النعم التي يغفل عنها الإنسان: نعمة الأمن ونعمة الرزق. قال رسول الله ﷺ: «من أصبح آمنًا في سِربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها.» فالأمن الذي نعيشه، والقدرة على السعي لرزق يومنا، هي في حقيقتها امتلاك الدنيا وما فيها. إنها نعم عظيمة ينبغي ألا تمرّ علينا مرور الكرام.

???? من يستيقظ في الصباح على قدميه، يلبس ملابسه دون مساعدة، يفتح عينيه ليرى نور النهار، يرفع يديه ليعمل، ويتحرك بين الناس بقوته—هو في بحرٍ من النعم لا يمكن حصره. من يتكلم بلسانه، يسمع بأذنيه، يقرأ بعينيه، يعيش تفاصيل يومه دون عجز أو ألم، فهو في نعيمٍ دائم يستوجب الشكر الدائم.

????‍????‍????‍???? ومن أنعم الله عليه بزوجةٍ وأبناء، فليعلم أنه في فضلٍ عظيم، ومن حُرم نعمةً من هذه النعم فليكن على يقينٍ أن الله منعها عنه لحكمةٍ أرادها ولخيرٍ يعلمه وحده. فالمحروم ليس من لا يملك، بل من لا يشكر. كلّ قدرٍ نعيشه هو خيرٌ كتبه الله لنا، وكلّ ابتلاءٍ نحمله هو بابٌ إلى رحمةٍ مخفية.

???? إن الشكر هو مفتاح الزيادة والبركة. فالله تعالى لم يطلب من عباده سوى الحمد: ﴿لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾. فلنتأدب مع الله في طلب النعم، ولنسعَ إليها بأدبٍ وتواضع، دون جحودٍ أو تذمّر. السعي مطلوب، ولكن الأدب في السعي هو ما يفتح أبواب الرزق والطمأنينة.

???? كلنا في نعم الله وإن اختلفت صورها. المريض في نعمة الصبر، والفقير في نعمة القناعة، والغني في نعمة العطاء. كلنا نعيش تحت رحمة الله، وكل ما نحن فيه هو فضلٌ منه، فطوبى لمن وعى وتذكّر، وشكر فازداد.

???? الحمد لله على نعمٍ لا تُعد ولا تُحصى، في كل لحظة، في كل نفس، في كل قدرٍ أراده الله لنا، فهو سبحانه أرحم بنا من أنفسنا، وأعلم بما يصلحنا.

???? اللهم اجعلنا من الحامدين الشاكرين الذاكرين، الذين يرون في كل ما حولهم آيةً من نعمك، وفي كل ما يصيبهم خيرًا من حكمتك.

@topfans 
خطى الوعي 
DrEng Medhat Youssef Moischool