من هنا نبدأ... وطنٌ يتألم... ووطنٌ ينهض من فاجعة المنوفية إلى ثقافة وعي وطنية

بقلم: د. مدحت يوسف
28 يونيو 2025

في لحظةٍ واحدة، امتزجت قلوب المصريين كلهم بالحزن والذهول، حين وقعت فاجعة حادث ميكروباص المنوفية، الذي أودى بحياة 18 فتاة بريئة وسائقهم، في مشهد صادم أعاد إلى الواجهة سؤالًا نتهرب منه كثيرًا: متى ننتقل من رد الفعل المؤلم، إلى الفعل المنظّم الواعي؟

لقد كان طبيعيًا، بل صحيًا ووطنيًا، أن نرى هذا الالتفاف الشعبي حول أسر الضحايا، أن نشاهد الحزن على وجوه الجميع، من القيادة السياسية التي عبّرت صراحة عن بالغ الأسى والتعاطف، إلى أصغر فئة في المجتمع. حادث بهذا الحجم لا يخص محافظة أو عائلة، بل يخص مصر كلها، لأنه حادث يعرّي ثغرة سلوكية ومجتمعية لا مكان فيها للمحاسبة الفردية، بل للمراجعة الجماعية.

لا نريد محاكم تفتيش... نريد مرآة!
حادث المنوفية، ليس الأول، وربما لن يكون الأخير، إذا استمرت النظرة التقليدية في التعامل مع الكوارث. ليس الهدف أن نبحث الآن عن المخطئ، بل أن ننظر في أعين بعضنا البعض، بصدق ومسؤولية، ونسأل: ماذا نفعل الآن كي لا يتكرر هذا المشهد؟

ليس السائق وحده، وليس الطريق وحده، وليس القانون وحده... بل كلنا شركاء في المسؤولية، بشكل مباشر أو غير مباشر:

كلنا سائقون أو ركاب.
كلنا مررنا يومًا بمخالفة وسكتنا.
كلنا نعرف ثقافة القيادة العشوائية المنتشرة على الطرق.
وكلنا بحاجة إلى أن نعيد تعريف "الوعي" كسلوك يومي، لا ككلام في مناسبات.

ثقافة السلامة... قبل هندسة الطرق
نعم، تمهيد الطرق وتوسيعها حاجة ملحّة، لكنها ليست كافية، إن لم تصحبها ثقافة مجتمعية تربوية رادعة تضمن:

احترام قوانين المرور لا خوفًا من العقوبة بل احترامًا للحياة.
الالتزام بالمسارات المخصصة للمركبات حسب الحجم والسرعة، كما هو مطبّق في ألمانيا واليابان.
رفض العشوائية في استخدام الطريق كأننا في منافسة فردية لا في شراكة مجتمعية.
في دول متقدمة، مثل السويد وهولندا، يتم حساب الحوادث على أنها خلل في السلوك الجماعي، لا مجرد "حادث فردي"، وتُبنى حولها برامج تعليمية متكاملة من الطفولة إلى العمل، تشارك فيها المدارس، والإعلام، والأحزاب، والمجتمع المدني.

الإعلام... أين كان قبل أن يحزن بعد؟
نعم، نشيد اليوم بمواقف الإعلام في تغطية الحادث، لكن السؤال الأهم:
أين كان الإعلام في توعية الناس بمخاطر القيادة الخاطئة؟ بمقاطع توضيحية؟ بحملات مستمرة على مدار العام؟

لماذا لا نجد إعلامًا يعلّم، لا فقط ينعى؟
ولماذا لا تكون هناك فقرة إلزامية على جميع القنوات عن ثقافة الطريق وسلوكيات الأمان المجتمعي؟

الحلول ليست نظرية... بل قابلة للتنفيذ
من خلال التجارب العالمية، ومن واقعنا المحلي، يمكن بل ويجب تبني منظومة حلول عملية متكاملة، تشمل:

1. رقابة إلكترونية ذكية (ليست فقط رادارات سرعة)
كاميرات تراقب الانتقال الخاطئ بين المسارات.

رصد القيادة العدوانية، والتجاوزات المفاجئة.

تفعيل تحليل سلوك السائق عبر نظام ذكاء اصطناعي.

2. منح القطاع الخاص تشغيل منظومة المراقبة
بمقابل مادي محدد وبإشراف الدولة، يشمل:

تصميم النظام.

التشغيل والصيانة.

ضمان النزاهة وعدم الفساد عبر رقابة تشريعية.

3. تشريعات برلمانية لسلوكيات الطريق
ليس فقط العقوبة على الحادث، بل على السلوك المؤدي له.

معايير قيادة خاصة لكل نوع مركبة، بمراقبة مستمرة.

4. حملات توعية شاملة ومستمرة
تشارك فيها الأحزاب، المجتمع المدني، المدارس، الجامعات.

بمحتوى بسيط، بصري، قابل للمشاركة عبر وسائل التواصل.

يعاد تجديده كل عام بلغة العصر.

من هنا نبدأ...
لا نريد حزنًا لحظيًّا، ثم نعود إلى العشوائية.
لا نريد إجراءات ارتجالية سرعان ما تُنسى.
بل نريد أن يكون هذا الحادث منعطفًا في الوعي المجتمعي الوطني.

نريد أن نخرج من الألم بخطوة عملية:

نحو تشريعات عادلة.

نحو ثقافة قيادة حضارية.

نحو إعلام يسبق الحادث لا يلاحقه.

نحو شخصية مصرية واعية، تبني وطنها من خلال سلوكها اليومي على الطريق.

كلمة عزاء... وكلمة أمل
رحم الله بناتنا وسائقهن، وكتب لذويهم الصبر الجميل. لكن العزاء الحقيقي أن نحمي غيرهم، وأن نعتبر من فقدهم سببًا لبدء نهضة جديدة في وعينا.

لننطلق من هنا، لنكتب تاريخًا جديدًا لا في الطرق فقط، بل في نفوسنا أيضًا.
@متابعين@topfansخطى الوعيمحافظة كفرالشيخرئاسة مجلس الوزراء المصريرئاسة مجلس الوزراء المصريوزارة التربية والتعليم المصريةشباب وبنات girls & boysكاميرا مباشر كفرالشيخكاميرا مباشر كفرالشيخنواب شبابنواب شبابنواب مصرالطريق الي البرلمان كفرالشيخالطريفية الطريفيةالطريق الى التميزمحافظات مصر جروب عام
#وزارة_الخارجية_والهجرة_وشئون_المصريين_بالخارج #انتخابات٢٠٢٥ #مجلسالوزاراء #د_مدحت_يوسف #أمن_الأوطان #الشخصية_المتكاملة #انتخابات #الوطن #حب_الوطن #dancechallenge #محافظة #محافظات #المجتمع #المجتمعات 
DrEng Medhat Youssef Moischool