من هنا نبدأ... نهاية عام وبداية ضمير ميزانية النفس وأمن الإنسانية
تمر الأيام وتمضي السنوات، نودّع عامًا ونستقبل آخر، وتظل النفس البشرية تمضي في

بقلم: د. مدحت يوسف
تمر الأيام وتمضي السنوات، نودّع عامًا ونستقبل آخر، وتظل النفس البشرية تمضي في رحلتها بين لحظات أمل وخيبات، بين صحائف تُكتب فيها الأعمال، وضميرٍ يتقلّب بين لومٍ وتوبة. في نهاية كل عام، لا ينبغي أن يكون التأمل مجرد طقس موسمي، بل لحظة وعي شاملة، تستدعي منّا أن نراجع أنفسنا كما تراجع المؤسسات ميزانياتها، ولكن الفارق أن ميزانية النفس لا تُقاس بالأموال، بل تُقاس بالقيم والمواقف والأثر الحقيقي في حياة الإنسان والإنسانية.
قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾ [سورة الحشر: 18]، وقال النبي ﷺ: "الكَيِّسُ من دانَ نفسَه، وعمِلَ لما بعد الموتِ" [رواه الترمذي]. بين الآية والحديث تتجلّى دعوة واضحة إلى محاسبة الذات، والنظر في حصاد الأيام، وتحويل كل تجربة إلى محطة وعي ونقطة انطلاق.
في هذا العالم الذي يعجّ بالصراعات، لا تبدأ الرحمة من الخارج بل من الداخل، من سلام الإنسان مع نفسه، من حواره الصادق مع ضميره. إننا بحاجة إلى أن نبني في أعماقنا بيئة داخلية مستقرة، آمنة، تتنفس القيم، وتُثمر سلوكًا إنسانيًا نافعًا. يبدأ الأمن الإنساني من لحظة الصدق مع الذات، ومن إرادة التطهير الداخلي. لا يمكننا أن نطالب بعالم آمن ونحن نحمل داخلنا قنابل من الغضب والأنانية وسوء الظن والكراهية.
ميزانية النفس لا تحتكم إلى الدولار أو اليورو أو أي عملة، بل إلى الصدق، والأمانة، والإحسان، والتقصير، والذنب، والتوبة. كل لحظة خير أضفناها للكون، وكل موقف ظلم سكتنا عليه، وكل بسمة زرعناها، وكل يدٍ مددناها، تُكتب وتُرصَد، وهي في النهاية تشكّل صورة الإنسان الذي كنا عليه، ونكون عليه، وسنُحاسب عليه.
قد نكون في زحمة الحياة قد نسينا أنفسنا، تأخرنا عن الخير، أو وقعنا في الخطأ، ولكن رحمة الله وسعت كل شيء. بل إن التوبة الصادقة تمحو الذنب وتبدّله إلى حسنة، كما قال تعالى: ﴿فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ﴾ [سورة الفرقان: 70]. فليس هناك خسارة حقيقية في ميزانية النفس، ما دامت التوبة بابها مفتوح، والنية للإصلاح حاضرة.
كل إنسان مسؤول عن نفسه، ولكنه أيضًا مسؤول عن غيره، عن أسرته، عن مجتمعه، عن الإنسانية كلها. لا يجب أن نرى الأمن والسلام مسؤولية الحكومات فقط، بل كل فرد مسؤول عن نشر السلام، بالحكمة، بالكلمة، بالخلق، بالفعل، بالموقف. إذا كان لنا أن نحلم بعالم أكثر استقرارًا، فليكن الحلم أن نبدأ من داخلنا، أن نكون نحن التغيير الذي نريده.
في عامٍ مضى، فرحنا بمولد، وتألمنا برحيل، ربحنا وفقدنا، أبصرنا وعثرنا. وكل ذلك جزء من المعادلة التي تُشكّل وعينا ونضجنا. لكن الآن، ومع إطلالة عام جديد، يجب أن نكون أكثر إدراكًا أن الحياة لا تنتظر، وأن كل لحظة قد تكون آخر فرصة.
فلنُنشئ في دواخلنا مؤسسات أخلاقية، تدير قراراتنا، وتراجع مواقفنا، وتصنع توازنًا بين ما نريد لأنفسنا، وما يجب علينا تجاه الآخرين. لنُدرك أن بناء الشخصية المتكاملة لا يقتصر على تطوير المهارات أو جمع الشهادات، بل في تنمية الضمير، وتوسيع الأفق، وحمل رسالة إنسانية نبيلة.
في النهاية، كل عام ليس فقط بداية جديدة، بل فرصة حقيقية لبناء إنسانٍ أفضل، وأسرةٍ أعمق ترابطًا، ومجتمعٍ أكثر تماسكًا، وعالمٍ أكثر أمنًا. فلنبدأ من أنفسنا، ومن أبنائنا، ومن محيطنا القريب، حتى تتّسع دوائر الخير، وتتحقق رسالة الإنسان في عمارة الأرض.
اللهم اجعل هذا العام الجديد عامًا يُبدَّل فيه التقصير إلى عزيمة، والذنوب إلى توبة، والنوايا إلى أعمال، واجعلنا فيه مفاتيح للخير، مغاليق للشر، فاعلين لا مفعولًا بهم، نافعِين لأنفسنا ولغيرنا، في كل مكان، ولكل إنسان.
@متابعين@topfansمحافظة كفرالشيخرئاسة مجلس الوزراء المصريخطى الوعيوزارة التربية والتعليم المصريةشباب وبنات girls & boysشباب وبنات girls & boysكاميرا مباشر كفرالشيخشباب وبنات girls & boysكاميرا مباشر كفرالشيخنواب شبابنواب مصرالطريق الي البرلمان كفرالشيخالطريق الى البرلمان لخدمة مواطنى كفرالشيخالطريق الى التميزالطريق إلى التميز الطريق الى الله الطريق المستقيمتطوير الذات وطرق بناء الشخصيةعلم النفس وقوة الشخصيةتنمية المهارات الشخصية والإداريةمحاسبه قبل الموتمحاسبة مالية واكسل سفينة المتابعينعلم النفس والإيجابية والسلوك والوعى الفكريعلم النفس ولغة الجسد(نعمه)علم النفس وتطوير الذاتعلم النفس وقوة الشخصيةPsychological side-الجانب النفسيالنفس المطمئنةعلم النفس وقوة الشخصيةتطوير الذات وطرق بناء الشخصية