ثورة 23 يوليو .. التحول الأكبر في تاريخ مصر الحديث

ثورة 23 يوليو  .. التحول الأكبر في تاريخ مصر الحديث

سوسن زايد 

تُعد ثورة 23 يوليو 1952 محطة فارقة في تاريخ مصر الحديث، إذ وضعت حدًا لعهد الملكية وبدأت مسيرة جديدة نحو الاستقلال الوطني والتحرر من النفوذ الأجنبي. قاد الثورة مجموعة من الضباط الأحرار في الجيش المصري، وكان على رأسهم اللواء محمد نجيب، بينما برز دور جمال عبد الناصر بوصفه قائدًا سياسيًا للمرحلة التالية.

جاءت الثورة نتيجة تراكم طويل من المظالم السياسية والاجتماعية، أبرزها فساد النظام الملكي، وانتشار الفقر والجهل، واحتكار السلطة والثروة، بالإضافة إلى الهزيمة العسكرية في حرب فلسطين عام 1948، التي كشفت ضعف القيادة السياسية والعسكرية آنذاك.

أعلنت الثورة في يوم 23 يوليو إلغاء النظام الملكي وإقامة جمهورية مصر العربية، كما شرعت في تنفيذ سلسلة من الإصلاحات الكبرى، من أبرزها قانون الإصلاح الزراعي الذي أعاد توزيع الأراضي على الفلاحين، وإنهاء امتيازات الإقطاعيين، وتوسيع قاعدة التعليم، وبناء قاعدة صناعية وطنية.

كما سعت الثورة إلى تعزيز الاستقلال السياسي والاقتصادي، فعملت على إنهاء الاحتلال البريطاني، ونجحت في توقيع اتفاقية الجلاء عام 1954، ثم جاء تأميم قناة السويس عام 1956 ليمثل لحظة تحدٍّ كبرى قادتها مصر في مواجهة القوى الاستعمارية، وكرّس مكانة الرئيس جمال عبد الناصر زعيمًا لحركات التحرر في العالم العربي وأفريقيا.

ورغم التحديات والصراعات التي واجهتها الثورة داخليًا وخارجيًا، فإنها وضعت أساسًا لمشروع وطني سعى لبناء دولة حديثة ذات سيادة، ورفعت شعارات العدالة الاجتماعية والوحدة العربية. ولا يزال إرث 23 يوليو حاضرًا في الوجدان المصري والعربي، بوصفه لحظة ولادة جديدة لطموحات شعوب المنطقة في التحرر والكرامة.