من هنا نبدأ… مبادرة وفاء لمربي الأجيال ... نحو سلوك مجتمعي يليق بعظمة المعلم
في كل وطنٍ ينهض، وفي كل نهضةٍ تُصنع، يقف خلفها معلمٌ آمن برسالته، فغرس القيم،
✍️ بقلم: د. مدحت يوسف
? التاريخ: ٢٧ أكتوبر ٢٠٢٥م
في كل وطنٍ ينهض، وفي كل نهضةٍ تُصنع، يقف خلفها معلمٌ آمن برسالته، فغرس القيم، وربّى العقول، وبنى اللبنات الأولى لحضارةٍ تُكتب في التاريخ.
المعلم ليس موظفًا يؤدي عملًا روتينيًا، بل هو رسول بناء، وركيزة المجتمع الأولى التي يتخرج من تحت يديها الطبيب والمهندس، والضابط والقاضي، والتاجر والصانع، بل وحتى المربي والوزير والسفير.
هو الذي يضع أساس الفكر، ويرسم للوعي طريقه، ويغرس في القلوب حب الوطن والواجب والانتماء.
★ من هنا، تنطلق دعوتي إلى المجتمع كله – بكل فئاته ومؤسساته – لإطلاق مبادرة وطنية بعنوان: “وفاء لمربي الأجيال”، تكون بمثابة سلوكٍ مجتمعي راقٍ يعكس تقدير الأمة لمن علم أبناءها وربّاهم.
هذه المبادرة ليست شعارات، بل سلوكيات حضارية ملموسة تُجسّد ردّ الجميل لمن صنعوا الأجيال.
★ أليس من الوفاء أن يُعامل المعلم معاملةً تليق بمكانته؟
أليس الطبيب الذي يُعالج اليوم آلاف المرضى قد تربى على يد معلمٍ علّمه قيمة الحياة؟
أليس الضابط الذي يحمي أمن المجتمع قد تعلم في فصله النظام والانضباط من معلمه الأول؟
أليس التاجر والصانع والإعلامي والمهندس جميعهم خريجين من تحت يدي معلمٍ آمن بقدراتهم وسعى لنجاحهم؟
فلماذا لا نكرم هذا الإنسان كما يليق بعطائه؟
لماذا لا تكون هناك أولوية مجتمعية للمعلم في كل جهة خدمية — في المستشفيات، في البنوك، في الدوائر الحكومية، في شركات الاتصالات، في النقل والمواصلات؟
★ يجب أن يرى المجتمع في بطاقة “المعلم” رمزًا للقدوة والتقدير، تمامًا كما يُعامل الأطباء والضباط وأصحاب المهام الوطنية.
فليكن للمعلم شباك خاص للخدمات يُنجز معاملاته بسرعة تقديرًا لرسالته.
ولِمَ لا يُمنح خصومات في العلاج والتأمين والسكن؟
أليس الطبيب الذي يُعالجه كان تلميذًا له؟
ولِمَ لا يقدّم له التاجر سلعة دون ربح، أو بخفضٍ رمزي وفاءً لمن علّمه الحساب والأخلاق معًا؟
أليست هذه السلوكيات هي التعبير الحقيقي عن الوعي المجتمعي الراقي الذي يردّ الفضل لأهله؟
★ إن تكريم المعلم لا يكون بالاحتفالات السنوية وحدها، بل بتحويل ثقافة الوفاء إلى سلوكٍ يومي، يشعر به المعلم في حياته العملية والاجتماعية.
فالاحترام لا يُقاس بالكلمات، بل بالأفعال، حين يرى المجتمع في معلمه رمزًا للهيبة والفضل والقدوة.
فكما أن للمعلم حقوقًا من المجتمع، فعليه واجبٌ لا يقل شرفًا — أن يظل مصدر إلهام، وأن يترك الأثر الطيب في طلابه، وأن يغرس فيهم الأخلاق قبل العلم.
★ إن هذه المبادرة ليست مجاملة لفئة، بل ركيزة أخلاقية لوطنٍ واعٍ يعرف قيمة من يبني وعيه.
إننا عندما نُكرم المعلم، فإننا نكرم عقول أبنائنا، ونحفظ هوية مجتمعنا، ونبني وطنًا يعرف كيف يرد الجميل لمن ربّاه على معاني العطاء والانتماء.
ولن يكون غريبًا أن يُقال يومًا:
“هذه أمةٌ احترمت معلميها… فاحترمها العالم كله.”
القاهرة 