الثروة السمكية في كفر الشيخ.. واقع وتحديات وآفاق المستقبل

إعداد: سالم الأمير
تُعد محافظة كفر الشيخ واحدة من أكبر المحافظات إنتاجًا للثروة السمكية في مصر، حيث توفر أكثر من 40% من إجمالي الإنتاج السمكي على مستوى الجمهورية. بفضل موقعها الجغرافي المتميز وامتلاكها مشروعات استزراع سمكي متطورة، استطاعت المحافظة تحقيق طفرة في هذا القطاع خلال السنوات الأخيرة. في هذا التحقيق، نسلط الضوء على أهمية الثروة السمكية في كفر الشيخ، والتحديات التي تواجهها، وأبرز المشروعات التي تساهم في تطويرها.
أولًا: كفر الشيخ.. عاصمة الثروة السمكية في مصر
تتمتع محافظة كفر الشيخ بمقومات طبيعية فريدة تجعلها رائدة في مجال الاستزراع السمكي، حيث تمتلك:
بحيرة البرلس: وهي ثاني أكبر البحيرات الطبيعية في مصر، تمتد على مساحة 108 آلاف فدان، وتعد مصدرًا رئيسيًا للصيد.
مشروعات الاستزراع السمكي: مثل مشروع غليون العملاق، الذي يُعد أكبر مشروع للاستزراع السمكي في الشرق الأوسط.
المزارع السمكية الخاصة: والتي تقدر مساحتها بنحو 80 ألف فدان، تساهم بشكل كبير في زيادة الإنتاج.
يقول محمد علي، أحد الصيادين في بحيرة البرلس: "البحيرة كانت مصدر رزقنا منذ أجيال، ومع عمليات التطوير الأخيرة، أصبح الإنتاج أفضل، لكننا ما زلنا نواجه بعض التحديات."
ثانيًا: مشروع غليون.. قفزة نوعية في الإنتاج السمكي
يُعد مشروع الاستزراع السمكي بغليون من أهم المشروعات القومية التي ساهمت في تعزيز الإنتاج السمكي في كفر الشيخ. يقع المشروع على مساحة 4 آلاف فدان، ويضم:
مزرعة سمكية عملاقة لإنتاج أنواع مختلفة من الأسماك مثل البلطي، القاروص، والجمبري.
مصنع أعلاف سمكية متطور لتوفير الغذاء اللازم للأسماك.
وحدات بحثية لدراسة وتطوير تقنيات الاستزراع السمكي.
يقول الدكتور أحمد مجدي، خبير الاستزراع السمكي: "مشروع غليون ساهم في زيادة الإنتاج المحلي وتقليل استيراد الأسماك، كما أنه يوفر فرص عمل للشباب في المحافظة."
ثالثًا: التحديات التي تواجه قطاع الثروة السمكية في كفر الشيخ
رغم الطفرة الكبيرة في الإنتاج، إلا أن هناك عددًا من العقبات التي تواجه هذا القطاع، أبرزها:
1. التلوث في بحيرة البرلس: يؤدي الصرف الزراعي والصناعي إلى تدهور جودة المياه، مما يؤثر على صحة الأسماك والإنتاج.
2. التعديات على البحيرة: انتشار التعديات والصيد الجائر يؤثر على المخزون السمكي.
3. ارتفاع تكلفة الأعلاف: يُعد غلاء أسعار الأعلاف السمكية من التحديات الرئيسية التي تواجه المزارع الخاصة.
4. التغيرات المناخية: تؤثر التغيرات في درجات الحرارة ومستويات المياه على نمو الأسماك وإنتاجيتها.
يقول محمود السيد، صاحب مزرعة سمكية: "تكاليف الإنتاج زادت بشكل كبير، خاصة الأعلاف والكهرباء، ونحتاج إلى دعم حكومي أكبر لنتمكن من الاستمرار."
رابعًا: جهود الدولة لتطوير القطاع ودعم الصيادين
اتخذت الحكومة المصرية عدة خطوات لدعم الثروة السمكية في كفر الشيخ، منها:
تطوير بحيرة البرلس من خلال إزالة التعديات وتطهيرها من الحشائش والملوثات.
توفير قروض ميسرة لصغار الصيادين وأصحاب المزارع السمكية.
دعم الاستزراع السمكي بتوفير زريعة الأسماك بأسعار مناسبة.
إنشاء مصانع أعلاف محلية للحد من ارتفاع الأسعار.
يؤكد اللواء علاء عبد المعطي، محافظ كفر الشيخ، أن: "الدولة تسعى جاهدة لتطوير قطاع الثروة السمكية بالمحافظة، ونعمل على زيادة الإنتاج ودعم الصيادين بكافة السبل الممكنة."
خامسًا: مستقبل الثروة السمكية في كفر الشيخ
يتوقع الخبراء أن يشهد قطاع الثروة السمكية في كفر الشيخ تطورًا كبيرًا خلال السنوات القادمة، خاصة مع:
التوسع في مشروعات الاستزراع السمكي وزيادة الاعتماد على التقنيات الحديثة.
تحسين جودة المياه في بحيرة البرلس من خلال خطط التطهير المستمرة.
زيادة دعم الصيادين من خلال برامج تدريبية وتمويلية لتعزيز قدراتهم.
يختتم الدكتور أحمد مجدي حديثه قائلاً: "إذا استمرت جهود التطوير والدعم الحكومي، فإن كفر الشيخ يمكن أن تصبح المركز الرئيسي لتصدير الأسماك في الشرق الأوسط."
تظل كفر الشيخ محافظة رائدة في إنتاج الأسماك في مصر، ومع استمرار مشروعات التطوير ودعم الدولة، فإن مستقبل الثروة السمكية يبدو واعدًا. ومع ذلك، فإن مواجهة التحديات الحالية أمر ضروري لضمان استدامة هذا القطاع الحيوي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الأسماك، بل والتوسع في التصدير للأسواق الخارجية.