من هنا نبدأ.. من إرادة الشعب إلى بناء الجمهورية الجديدة في الذكرى الثانية عشر لثورة 30 يونيو المجيدة

من هنا نبدأ.. من إرادة الشعب إلى بناء الجمهورية الجديدة في الذكرى الثانية عشر لثورة 30 يونيو المجيدة

بقلم: د. مدحت يوسف

التاريخ: 30 يونيو 2025

في الثلاثين من يونيو عام 2013، خرجت جموع المصريين في مشهد لم تعرف له مصر مثيلاً من قبل، ملايين في كافة ميادين الوطن، لا يحملون إلا مطلبًا واحدًا: استعادة الوطن من براثن جماعة حاولت اختطاف الدولة، ومصادرة هوية الأمة، وتقويض مؤسساتها. كانت هذه الثورة الصادقة النابعة من وجدان الناس، امتدادًا حيًا لتاريخ طويل من النضال، وصورة ناصعة لوحدة الشعب حينما يواجه خطرًا وجوديًا.

تجسد في هذه اللحظة الفارقة وعي المصريين وإصرارهم على عدم السماح لأحد كائنًا من كان أن يختطف حاضرهم أو يعبث بمستقبل أبنائهم. لقد حمل الشعب وحده الراية في البداية، ثم جاءت لحظة الحسم، عندما انحازت القوات المسلحة، بقيادتها الوطنية، وعلى رأسها الفريق أول عبد الفتاح السيسي – آنذاك – إلى إرادة الشعب، فكان بيان الثالث من يوليو إعلانًا بانتهاء عصر الظلام، وبداية جديدة لدولة تستعيد هويتها وتبدأ طريق البناء والتنمية من جديد.

لم تكن الثورة مجرد لحظة غضب أو انتفاضة عابرة، بل كانت عبورًا إلى مرحلة جديدة كما عبر أبطال أكتوبر قناة السويس. كان عبور الشعب في 30 يونيو إلى بر الأمان، عبورًا حطم جدار الخوف، وكشف زيف الشعارات، وأنهى حقبة من الفوضى السياسية، وأعاد مصر إلى حضنها الوطني الأصيل. كان لابد من قائد يحمل هذا الحلم ويجسده في مشروع وطني شامل، فكان عبد الفتاح السيسي هو ذلك القائد، الذي قرأ المشهد بحكمة، وتحرك بإخلاص، وتحمل المسؤولية بشجاعة، فانتقل بمصر من مرحلة الخطر إلى مرحلة الاستقرار، ثم إلى الانطلاق نحو المستقبل.

توالت الخطوات بسرعة مذهلة، وتم إطلاق عشرات المشروعات القومية العملاقة التي شملت كافة قطاعات الدولة، من إنشاء المدن الجديدة، إلى تطوير شبكات الطرق، وتوسيع الرقعة الزراعية، وتحقيق الاكتفاء في مجالات حيوية، بالإضافة إلى بناء منظومة تعليمية وصحية حديثة. لم تكن هذه المشروعات رفاهية، بل كانت استجابة حقيقية لحاجات المواطن وكرامته، وتحقيقًا لحلم الجمهورية الجديدة، التي تقوم على العدالة والكرامة والقدرة على العيش الكريم.

واجهت الدولة خلال هذا العبور حربًا شرسة على الإرهاب، وخاضت قواتنا المسلحة، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، معركة تطهير سيناء، وملاحقة فلول التطرف، دون أن تتوقف عجلة البناء لحظة واحدة. تم ترسيخ هيبة الدولة، واستعادت مصر مكانتها الإقليمية والدولية، وأصبحت رقماً صعباً في كل معادلة تخص المنطقة.

لقد علمتنا ثورة 30 يونيو أن الشعوب وحدها هي التي تملك مفاتيح خلاصها، وأن الجيش الوطني الذي خرج من رحم هذا الشعب، لن يتأخر أبدًا عن تلبية ندائه. كما علمتنا أن القيادة التي تولد من لحظة الصدق مع النفس والناس، كالرئيس عبد الفتاح السيسي، قادرة على تحويل لحظة الخطر إلى أفق للأمل والعمل والبناء.

في الذكرى الثانية عشرة لهذه الثورة المجيدة، لا نكتفي بالاحتفال، بل نجدد العهد بأن نحمي هذا الوطن، وأن نستكمل مشروع بناء جمهورية جديدة تليق بتاريخنا، وتستحق تضحيات أبنائنا، وتلبي طموحات الأجيال القادمة.

تحيا مصر... تحيا بإرادة شعبها، بعقول شبابها، بذراع جيشها، وبقيادة وطنية مؤمنة وعازمة على أن تبقى مصر دائمًا في المقدمة.