من هنا نبدأ...العطاء.. سر السعادة وبناء الحياة

في خضم الزخم الذي نعيشه في العصر الحديث، ومع كثرة الضغوط والتحديات التي تحيط بالإنسان من كل

من هنا نبدأ...العطاء.. سر السعادة وبناء الحياة
من هنا نبدأ...العطاء.. سر السعادة وبناء الحياة


✍️ بقلم: د.م. مدحت يوسف
???? ١٤ أكتوبر ٢٠٢٥

???? في خضم الزخم الذي نعيشه في العصر الحديث، ومع كثرة الضغوط والتحديات التي تحيط بالإنسان من كل جانب، تظل قيمة العطاء هي النور الذي يضيء دروب الحياة ويمنحها معناها الأصيل. فالعطاء ليس مجرد تقديم مال أو جهد، بل هو أسلوب حياة، وفلسفة راقية تعكس نبل النفس وصفاء القلب وعمق الإيمان بأن الخير لا يضيع عند الله أبداً، وأن من يعطي اليوم سيسقيه الله غداً من نبع السعادة والرضا.

???? إن الحياة التي خلقنا الله من أجلها مليئة بالتقلبات والمواقف، فيها اليسر وفيها العسر، فيها السعادة وفيها الشقاء، ولكن وسط كل ذلك، يبقى سر السعادة في أن نتعايش بقلوب راضية، ونمد أيدينا بالخير دون انتظار مقابل. فالإنسان الذي يعطي دون أن يلتفت لنتائج عطائه، هو إنسان حر من قيود الطمع، متصالح مع نفسه، متوازن في مشاعره، يشعر أن قيمته ليست بما يأخذ، بل بما يقدم.

???? إن العطاء يصنع السعادة في قلوب الآخرين، فهو يزرع البهجة في نفوس من حولنا، ويبدد آلامهم، ويمنحهم الأمل من جديد. وكم من ابتسامة رُسمت على وجه محتاج بكلمة طيبة أو مساعدة صادقة! وكم من نفس حزينة أضاءها موقف كريم أو دعم معنوي بسيط! إن العطاء لا يُقاس بحجمه، بل بصدقه وبأثره، فرب عمل صغير غيّر حياة إنسان، ورب كلمة طيبة كانت سبباً في نهضة مجتمع.

???? ومن يتأمل في سنن الله في الكون، يدرك أن الحياة كلها قائمة على العطاء المتبادل؛ فالشمس تعطي نورها، والأرض تعطي خيراتها، والبحر يمنح مياهه، والإنسان بدوره خُلق ليعطي علمه وجهده ووقته وحبه. وكلما اتسعت دائرة العطاء اتسع الخير، ونما الوطن، وازدهرت الإنسانية.

???? ومن هنا، فإن بناء الأوطان لا يتحقق إلا بالعطاء؛ فالعامل الذي يتقن عمله، والمعلم الذي يغرس القيم، والطبيب الذي يداوي بإخلاص، والجندي الذي يحرس أرضه، كلهم نماذج مشرّفة لعطاء لا ينقطع، يُثمر قوةً واستقراراً ونهضةً لوطنهم. ومن وسّع دائرة عطائه تجاوز ذاته ليخدم مجتمعه ووطنه، فينعم بخيرٍ يعمّه ويخلد أثره.

???? إن العطاء الحقيقي هو أن تبذل مما تملك وأنت مؤمن أن الخير سيعود إليك بصورة أجمل، أن تقدم دون أن تنتظر شكراً أو تقديراً، أن تعيش بسعادة لأنك كنت سبباً في سعادة الآخرين. فبالعطاء تزدهر الحياة، ويُبنى الوطن، ويتحقق السلام الداخلي، وتُشرق الإنسانية في أجمل صورها.

???? فلنمد أيدينا جميعاً نحو الخير، ولنجعل من العطاء منهج حياة، ومن البذل طريقاً للسعادة، ومن الرضا سبيلاً للراحة والطمأنينة. فكل من أعطى بصدق، نال من الله رزقاً وبركة وسلاماً في قلبه لا ينقطع.

???? إن العطاء ليس خسارة، بل هو الربح الأكبر في معادلة الحياة، لأنه يرفع الإنسان فوق المادة، ويقوده إلى جوهر الوجود الإنساني النبيل، ويجعل منه طاقة نورٍ تضيء الطريق لنفسه ولغيره في رحلة الحياة.
DrEng Medhat Youssef Moischool 
خطى الوعي