من هنا نبدأ …التكيف مع الحياة وبناء السلام النفسي

في زخم هذه الحياة، حيث لا تنقطع تقلباتها ولا تنتهي اختباراتُها، يكتشف الإنسان أن السعادة المطلقة ليست

من هنا نبدأ …التكيف مع الحياة وبناء السلام النفسي
من هنا نبدأ …التكيف مع الحياة وبناء السلام النفسي


✍️ بقلم: د.م.  مدحت يوسف
???? 2 / 10 / 2025

???? في زخم هذه الحياة، حيث لا تنقطع تقلباتها ولا تنتهي اختباراتُها، يكتشف الإنسان أن السعادة المطلقة ليست في الدنيا، وإنما هي وعدٌ من الله في الآخرة حيث النعيم المقيم. أما الحياة الدنيا، فقد كُتبت على الإنسان فيها المشقة: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ﴾، فهو يواجه الابتلاءات، ويصطدم بالصعاب، لكنه في كل مرة ينهض من جديد. والسر ليس في غياب الألم، بل في القدرة على التكيف معه وتجاوزه.

???? لا توجد حياة خالية من الهموم، ولا عمر يخلو من فقد أو خسارة، لكن الله بلطفه وعد أن كل عسرٍ يرافقه يسر: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾. هذا الوعد الإلهي كفيل بأن يزرع في قلب كل إنسان الطمأنينة، ويمنحه القدرة على الصبر، ويذكّره أن الشدة ليست نهاية الطريق، بل بوابة لفرج جديد، وفرصة لإعادة البناء من الداخل.

???? التكيف مع ظروف الحياة ليس ضعفاً أو استسلاماً، بل هو قمة القوة الإنسانية. إنه فن تحويل الألم إلى تجربة، والهزيمة إلى درس، والخسارة إلى دافع أقوى. المتكيف مع واقعه لا ينكسر أمام الصدمات، بل يعيد ترتيب نفسه، ويواجه الحياة برضا داخلي وسلام نفسي، يدرك أن الرضا قدرٌ منحة لا يُعطى إلا لمن تعلم معنى الإيمان والصبر.

????️ وحين يتبنى المجتمع ثقافة التكيف، يصبح كالجسد الواحد، متماسكاً أمام الشدائد. لا تضعفه الأزمات ولا تهزه الابتلاءات، بل تزداد لُحمته قوة وتماسكاً. إن المجتمع الذي يتعلم أفراده كيف يحولون محنهم إلى فرص، وخسائرهم إلى بدايات جديدة، هو مجتمع يصنع مستقبله بصلابة، ويضمن لأبنائه حياة كريمة تليق بإنسانيتهم.

???? لنجعل من التكيف مدرسة حياتية يتعلم فيها أبناؤنا أن العسر لا يأتي منفرداً، بل يرافقه يسران، وأن الصبر على الشدائد طريق إلى السكينة، وأن مواجهة الواقع بروح إيجابية أعظم من الهروب منه. ومن يتصالح مع نفسه ويقبل ما قسمه الله له، يعيش سلاماً داخلياً يجعله منبع طاقة أمل لغيره، وبذرة بناء في نسيج أمته.

???? وهكذا، لا نبحث عن سعادة مثالية خالية من المنغصات، بل نصنع سعادتنا في قلب الظروف، ونبني قوتنا من وسط التحديات، ونحيا على يقين أن مع كل عسر يسراً. بهذا المعنى العميق، نكون مجتمعاً أقوى، أكثر انسجاماً مع سنن الحياة، وأقدر على مواجهة المستقبل بروح متفائلة وعزيمة لا تنكسر.
@topfans 
خطى الوعي 
DrEng Medhat Youssef Moischool