عندما يتحول الميراث إلى مأساة: صراعات عائلية تصل إلى العنف

في مشهد صادم هزّ قرية الأورمان بمحافظة الدقهلية، حاول رجل هدم منزل شقيقه مستخدمًا جرافة (لودر) خلال وقت الإفطار، مما أدى إلى انهيار أجزاء كبيرة من المنزل

عندما يتحول الميراث إلى مأساة: صراعات عائلية تصل إلى العنف
عندما يتحول الميراث إلى مأساة: صراعات عائلية تصل إلى العنف

تحقيق: أحمد عبد العزيز

في مشهد صادم هزّ قرية الأورمان بمحافظة الدقهلية، حاول رجل هدم منزل شقيقه مستخدمًا جرافة (لودر) خلال وقت الإفطار، مما أدى إلى انهيار أجزاء كبيرة من المنزل وتعريض حياة أسرة كاملة للخطر. جاءت هذه الواقعة بسبب نزاع محتدم بين الأشقاء على الميراث، وهي ليست الحادثة الأولى من نوعها، إذ تكررت في مناطق مختلفة بصور مشابهة، ما يطرح تساؤلات حول أسباب تصاعد هذه الصراعات وطرق معالجتها.

قضية تهدد تماسك الأسرة

يرى خبراء اجتماعيون أن النزاعات العائلية حول الميراث باتت من أخطر المشكلات التي تهدد تماسك الأسرة المصرية، حيث تؤدي في كثير من الأحيان إلى قطيعة دائمة بين الأشقاء، وأحيانًا تصل إلى العنف كما حدث في قضية الدقهلية.

يقول الدكتور محمود عبد الفتاح، أستاذ علم الاجتماع، إن "الخلافات حول الميراث غالبًا ما تندلع بسبب عدم وجود وصايا واضحة، أو شعور بعض الورثة بالظلم، خاصة في المجتمعات الريفية التي تعتمد على العرف أكثر من القانون في توزيع التركة."

رأي القانون: هل العقوبات كافية؟

من الناحية القانونية، يوضح المحامي أحمد السعدي أن القانون المصري ينص على عقوبات رادعة تصل إلى السجن في حالة الاعتداء على ممتلكات الغير أو تعمد إلحاق الضرر بها. ويضيف: "لكن المشكلة تكمن في أن كثيرًا من هذه النزاعات تبدأ كخلافات أسرية صغيرة قبل أن تتفاقم إلى جرائم عنف، مما يجعل الحلول الوقائية مثل التوعية والتصالح أكثر أهمية من العقوبات وحدها."

ضحايا النزاعات: قصص من الواقع

التقينا أحد سكان قرية مجاورة، والذي رفض ذكر اسمه، وتحدث عن تجربة شخصية مشابهة قائلًا: "بعد وفاة والدي، نشب خلاف بيني وبين إخوتي على قطعة أرض، تطور الأمر إلى مشاجرات وصلت إلى أقسام الشرطة، وانتهى الأمر بقطيعة بيننا امتدت لسنوات."

أما الحاجة أم محمد، وهي سيدة مسنة فقدت اثنين من أبنائها بسبب خلافات على الورث، فتقول والدموع في عينيها: "كنت أتمنى أن أرى أبنائي متحابين، لكن الطمع فرّق بينهم، واليوم لا يتحدثون معي ولا مع بعضهم."

الحل في التوعية والعدل

يرى علماء الدين والمصلحون الاجتماعيون أن الحل يكمن في نشر الوعي الديني والاجتماعي بأهمية التسامح والعدل في توزيع الميراث. يقول الشيخ عبد الرحمن الطيب، أحد الدعاة البارزين: "الإسلام وضع قواعد واضحة للميراث، ولو التزم الجميع بها لما وصلت الأمور إلى هذا الحد، فالعدل أساس الاستقرار."

خاتمة

قضية الميراث لا تزال من أكثر القضايا حساسية في المجتمع، ويبدو أن الحلول القانونية وحدها ليست كافية، بل يجب تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية التسامح، وحل الخلافات بطرق سلمية قبل أن تتحول إلى مأساة كما حدث في الدقهلية. فهل ستشهد الأيام المقبلة وعيًا أكبر بهذه القضية أم ستستمر هذه النزاعات في تدمير الأسر؟