اهداء : إلى الدكتور زُهير غنيم
الكاتب والأديب الكويتي الأستاذ فيصل خزيم العنزى بعنوان مثير يداعب الدكتور زھير حسين غنيم ويقول

الذي قال يوماً : يا أخي منين تجيب هذه الشغلات ؟!
الكاتب والأديب الكويتي الأستاذ فيصل خزيم العنزى بعنوان مثير يداعب الدكتور زھير حسين غنيم ويقول
في تاريخ الموسيقى العربية قليلٌ من الألحان التي استطاعت أن تتجاوز زمنها وتبقى خالدة في وجدان الناس ولعلّ أغنية “رق الحبيب” التي أبدعها الموسيقار محمد القصبجي بصوت سيدة الغناء العربي أم كلثوم هي من أبرز هذه العلامات !!
في عام 1944 أبهر القصبجي العالم بلحنٍ كان بمثابة ثورة موسيقية على المعايير السائدة آنذاك .. جاءت “رق الحبيب” وكأنها رسالة من المستقبل تحمل ملامح التحديث في البناء اللحني والتوزيع، والانسيابية والتجديد في الحوار بين الآلات الموسيقية وصوت أم كلثوم !!
“ رق الحبيب وواعدني يوم… وكان له مدة غايب عني …”
بهذه الجملة الغنائية ابتدأت لحظة لا تُنسى .. كانت الموسيقى تسير بخفة ورقة وعمق تتلوّن مع مشاعر النص وتُحلّق بصوت أم كلثوم كما لم تفعل من قبل .. مزج القصبجي بين الطرب الأصيل والتقنيات الموسيقية المتقدمة فكانت الأغنية سابقة لعصرها شاهدة على عبقرية ملحن أدرك أن الفن لا يُقاس بالزمن بل بالتأثير !!
حقق لحن “رق الحبيب” نجاحاً ساحقاً حتى قيل إن الجماهير كانت تطلبها بالاسم في الحفلات وتُرددها في الشوارع والمقاهي .. غير أن هذا النجاح،ك بدل أن يفتح أبواباً جديدة للقصبجي مع أم كلثوم كان آخر بصمة قوية له في مسيرته معها !!
فرغم مكانته الكبيرة ورغم أنه كان أحد مؤسسي صوت أم كلثوم في بداياتها فقد بدأ نجم القصبجي يخفت مع ظهور ملحنين جدد مثل رياض السنباطي ومحمد عبد الوهاب لاحقاً .. وابتعدت أم كلثوم عن ألحانه مكتفية بذلك الإنجاز الكبير الذي لم يتكرر !!
ظل القصبجي يعيش في ظل “رق الحبيب” يُلاحق ظلها يحاول أن يصنع لحناً آخر يوازيها .. يقترب من تأثيرها .. يترك نفس البصمة .. لكن المحاولة لم تكتمل والحنين كان ظل يطارده حتى آخر أيامه !!
مات القصبجي .. وفي قلبه حسرة أن يعود يوماً بلحن يوازي “رق الحبيب” .. ولم يفعل !!
لقد قدم للموسيقى العربية الكثير لكنه بقي يتألم سراً لأنه كما عاش على ضوء نجاحه العظيم .. عاش أيضاً على ألمه .