بصمة الحكومة... ولا بصمة الضمير؟ بصمة الحساب... أم بصمة الغياب؟
في زمن البصمات الإلكترونية، اختُزلت الوظيفة في ضغطة إصبع على جهاز...
بقلم الدكتورة مروة الهطيل
في زمن البصمات الإلكترونية، اختُزلت الوظيفة في ضغطة إصبع على جهاز...
موظف يسابق الزمن عشان يلحق "البصمة"، كأنها بوابة الجنة، وكأنها شهادة الجنة في الدنيا...
يبصم الصبح ويمشي، يرجع آخر النهار يبصم تاني، وكأن اليوم اتملّى شغل، والجدول اتقفل بإتقان.
بصمة وجودك... أم بصمة هروبك؟
لكن اسمح لي أسألك:
هل البصمة دي بصمة حضورك؟ ولا غياب ضميرك؟
هل البصمة دي إثبات وجودك؟ ولا توقيع هروبك؟
بصمة الضمير... أم بصمة الجهاز؟
يا من تسارع إلى البصمة كأنها الفريضة،
هل بصمت بقلبك قبل إصبعك؟
هل بصمت ضميرك قبل ما تبصم في الجهاز؟
هل أنهيت مهامك بإخلاص، ولا فطرت في وقت الشغل، وخرجت في مشاوير، وسايب المواطن ينتظرك؟
هل استحققت الراتب، ولا خدته على "بصمتك" مش "خدمتك"؟
بصمة رب العباد... أم بصمة الحكومة؟
اسأل نفسك:
راتبك اللي بيأكله أولادك... حلال؟
ولا نصه "بصمة"، والنص التاني "مصلحة مؤجلة"؟
لو نسيت "بصمة حضورك"، متنساش بصمة عقوبتك... عند الله.
بصمة المبادئ... أم بصمة المكاتب؟
اتعودنا نسمع إن فيه رقابة...
بس فين رقابة الضمير؟
فين اللي بيقول: "أنا موجود مش عشان أبصم، أنا موجود عشان أُخلص"؟
فين المدير اللي قدوة، مش استثناء؟
إزاي اللي بيحاسب الناس على البصمة... ما بيبصمش؟
إزاي اللي بيرفع شعار الانضباط... بيدوس على المبدأ؟
بصمة الحق... أم بصمة الورق؟
أنا عارفة إني هتهاجم، يمكن يتحول كلامي لسخرية في مكاتب التكييف،
بس والله العظيم، تعودت أقول كلمة الحق حتى لو خسرني الكل،
يكفيني رضا ضميري، وربّي، ونظرة تقدير من إنسان لسه عايش بقلب صاحي.
لا تجري على البصمة... اجري على ضميرك
رسالتي لكل موظف، لكل مسؤول، لكل إنسان:
لا تجري على البصمة... اجري على ضميرك.
أخلص عملك، وكأن الله هو اللي بيحاسبك، مش جهاز إلكتروني.
البصمة مش هي اللي هتفتحلك الجنة... اللي هيدخلك رضا ربك، مش روتين وظيفتك.
بصمة الإخلاص... أم بصمة الخلاص؟
اطلب تعميم البصمة في كل جهة، وكل مكتب، وعلى كل درجة وظيفية،
بس الأهم: عمّم بصمة الضمير… لأنها الوحيدة اللي ربنا بيقراها بصدق.
بصمة اليوم... أم بصمة القيّوم؟
يا كل مسؤول، ويا كل موظف... خافوا من بصمة الحساب، مش بس بصمة الغياب.
القاهرة 