تاريخ لاينسى ..رحلتي الى أديس ابابا 1988 من القرن الماضي

في مثل هذا اليوم ال26/من أغسطس عام1988م  غادرت مطار عدن الدولي ولأول مرة في حياتي على متن طائرة

تاريخ لاينسى ..رحلتي الى أديس ابابا 1988 من القرن الماضي
تاريخ لاينسى ..رحلتي الى أديس ابابا 1988 من القرن الماضي

كتب/ منصور عامر

في مثل هذا اليوم ال26/من أغسطس عام1988م  غادرت مطار عدن الدولي ولأول مرة في حياتي على متن طائرة الداش7 ابو اربع مراوح لطيران اليمدا  ( طيران جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية حينها)   في زيارة تكريمية من جهة العمل لبلاد الملك العادل النجاشي (الحبشة) قديما أثيوبيا الحديثة وتحديدا العاصمة اديس ابابا  التي يعني اسمها باللغة الامهرية (الوردة الجديدة)  وقد جاءت هذه الرحلة بعد تخرجنا من الدراسة بمدرسة الكوادر الشبابية في عدن بأمتياز في الأول من اغسطس1988، حيث لازلت اتذكر تفاصيل تلك الزيارة على الدوام لكونها كانت رحلتي الأولى بالطيران الى خارج الوطن والتي تعد بالنسبة لي أصعب رحلة سفر بسبب اجواء الاقليم الحبشي حينها الملبدة بالغيوم والصواعق في مناخ  جوي شديد الخطورة والصعوبة حتى على كابتن الطائرة/ محمد البيتي أبومازن حفظه الله  الذي اتمنى له الشفاء العاجل لكونه يرقد على فراش المرض اليوم بالعاصمة الامارتية ابو ظبي ، والذي انزل الطائرة ببراعة ومهارة عاليه بعد اكثر نصف ساعه  تحليق فوق مطار العاصمة اديس ابابا...نظرا لتلك الاجواء الملبدة ، ناهيك عن ما صاحب ذلك التحليق من هلع لدى السادة ركاب الرحلة رقم711 ، لكنني كنت محظوظا وبحالة من  الاطمئنان حيث كنت في حديث شيق مع رفيقي بالمقعد المجاور الذي كان صاحبه كالبلسم  وهوالفنان الراحل عندليب الاغنية اللحجية الطربية  محمد صالح حمدون  الذي ظل يحكي لي أن هذه مسائل روتينيه عادية حصلت له في كثير من رحلاته الجوية بالطيران وصعوباتها منذو اول رحله  لدولة للكويت عام1959 ومعاناته بالغربة ورحلات السفر ، وكنت اصغي له بعناية كونها رحلتي الأولى واللقاء به ولأول مرة ، حديث لاربع ساعات لازال محفورا بالذاكرة  ، كما ظل يرسم الابتسامة ويطمن الركاب بالرحلة وكأنه مساعدا لكابتن الطائرة  فقد ذلل الصعوبات لتلك الرحلة بأنسانيته البسيطة المتواضعة المحبة للناس خلقا وسلوكا ومعامله حتى وأن كان يلتقيك ولاول مرة فليرحمه الله ويسكنه فسيح جناته.


وحال نزولنا بمطار اديس ابابا استقبلنا بشكل جيد وتم نقلنا الى فندق TAITU HOTEL  في قلب العاصمة اديس ابابا والقريب من مبنى الكونغرس الافريقي التحفة الافريقية الجامعة للساسة الافارقة ومن محاسن الصدف كان ايضا  موقع استضافة الفنان محمد صالح حمدون الذي رافقنا في عدد من انشطتنا وساهم في انجاحها وكانت هذه الرحلة بالنسبة لي التعرف على ثقافات الشعب الاثيوبي (الاحباش) وتقاليدهم وكذا التعرف على العاصمة الاشهر في افريقيا ليس فقط لموقعها الجغرافى وجمالها الذي لا يوصف والمسماه بعروسة افريقيا الجميلة  والمتميزة كأعلى عاصمة في القارة السمراء وحسب ، ولكن لمكانتها عبر مراحل التاريخ والذي شهدت منذو تأسيسها كمملكة 1886 على يد أمبراطورها  منليك الثاني كقبلة  للقادة والزعماء الافارقة والعاصمة السياسية الأولى في القارة السمراء بسبب احتضانها لأهم المنظمات ومؤسسات اتخاذ القرار الافريقي ، هذا و قد كان البرنامج السياحي الترفيهي المعد للوفد الشبابي زيارة عدد من الاماكن التاريخية ومنها القصر التاريخي ( للملك هيلاسلاسي) المعزول وحديقة الحيوانات الشهيرة الجامعة لكل الحيوانات النادرة في افريقيا وكذا زيارة للكونغرس الافريقي،ووزارة البن  cafa Menistry of التي زرناها واستمعنا لتفاصيل انشطتها كوزارة فريدة بالنسبة لنا حينها والتي لاتوجد وزارة في العالم نظيرة لها ، وكذلك زرنا محطة القطار الكبرى المرتبطة مع جيبوتي وعدد آخر من دول الجوار لاثيوبيا  كما لازلت اتذكر تلك الليالي الابداعية والثقافية التي حضرناها بالمراكز الثقافية وسفارة بلادنا واجمل مافي ذلك الفرصة التي جمعتنا بالملحق الثقافي لسفارة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية عملاق الشعر والادب اليمني الاستاذ محمد سعيد جرادة رحمه الله  الذي درس اجيال من الطلاب بمدينة عدن وعلى مدى ربع قرن من الزمان صاحب الخمسة الداوين من الشعر ، ومنها فردوس القرآن ـ مشاعل الدرب ـ لليمن حبي وصاحب  قصيدة "هي وقفة"  الرائعة التي لحنها وغناها أبوعلي الفنان اليمني الاشهر  محمد مرشد ناجي رحمه الله ، كما لاانسى  جهد السفير الخلوق ياسين احمد صالح اذا لم اخطئ بأسمه حفظه الله تحيه له ولطاقمه حينها الذين سهلوا لنا حضور عدد من الانشطة والفعاليات الثقافية والتراثية الحبشية...
وتبقى الذكريات  الجميلة حاضرة في الوجدان ومحفورة بالذاكرة الانسانية وتاريخ لاينسى في حياة الانسان مهما مرت السنون وفي الاخير اختم بمطلع الرائعة الغنائية  التي اعشقها كلما استمعت لها لرفيق مقعد الرحلة الفنان محمد صالح حمدون التي كتبها الشاعر عبدالله هادي سبيت ولحنها أمير العود اللحجي فضل محمد اللحجي رحمهم الله جميعا....
ياباهي الجبين كم مرت سنين
وانا في أنين ليلي من بحين
قالوا مستحيل تحظى بالقليل
خذ غيره بديل قلت لهم منين.